والدنا الفاضل محمد ولد النهاه الى رحمة الله
انتقل الى رحمة الله صباح اليوم الاثنين بنواكشوط والد نا الفاضل محمد ولد النهاه بعدعمر حافل بالعطاء والنبل والبذل والتضحية ، ومسار من ثمانية عقود تميزفيها بتألق مشهود في مساره الشخصي والعملي فكان الانسان والوطني المخلص والوالد الحنون ..
بدا الدراسة شرقي مدينة كيفة خمسينات القرن الماضي في محظرة سيدي عالي ولد الطالب ا حمدومحمدمحمودولد لداهي وكان من انجب طلبة المحظرتين ،ولم يجد الطالب المحظري الذكي من صعوبة في تسنم المراتب الادارية حين وصل العاصمة ،فبعد فترة بسلك القضاء دخل الإدارة وعين حاكما لبوتليميت وروصو والنعمة ثم واليا لادرار واترارزة ومفوضا للشرطة بأغلب مقاطعات العاصمة، وما حل ببلدة ولا ارتقى وظيفة الا وترك بها ذكرا طيبا خالدا لد ى المستخدمين والساكنة ولا فارقها والا وقدراكم تجربة في الادارة والادب والاخلاق
تميز اداؤه بقدرة كبيرة على تسيير الملفات وانفتاح كبير في إدارة الازمات ومعرفة دقيقة بالوطن واطلاع كبير على السياقات الاجتماعية الحاضنة
وعلى المستوى الشخصي عرف بالبرور والاخلاق المشهودة والتواضع ، وتميز الرجل بحنان متجذر وانفتاح كبير وسعة صدر وقوة صبر وتحمل قل نظيرهما ، ومفاكهة ومصاحبة الجميع وقدرة غريبة علي تجاوز صراع الأجيال ومجالسة الأبناء والاحفاد مع الحفاظ على الوقار،
وكانت له قدرة علي التعالي على الخلافات المحلية بالإضافة الى سعي دؤوب في العطف على البسطاء وإصلاح ذات البين وإشاعة ثقافة التلاحم والتواصل وصلة الرحم واستعداد دائم لحل إشكالات الناس في كل وقت وتحت أي اي ظرف
كان يقول لي انه يطمح دائما لتجسيد وصية والدته الكريمة ببو زينب بنت عبدالرحمن التي تحترم الناس جميعاو لا تكره أحدا وكانت تقول بني ان الناس صنفان: صنف بعمله يستحق الاحترام وصنف دون ذلك يستحق ان اعطف عليه وفي الحالتين ساضمن ان احترم الجميع.
وقد جعلت هذه التنشئة الذاتية النوعية والدراسة المحظرية الثرية والتجربة الادارية المتراكمة من الوالد محمد شخصا مميزا وانسانا حقا خلوقا عطوفا حنونا يتجذر عطاؤه ولا يمل حديثه ،تعسر فرقته ويوحش غيابه،
اخرلقاءاتي مع الوالد كان قبل أسابيع في تعزية العلامة محمد الإغاثة ولد الشيخ عضو اللجنة العلمية للمصحف الشريف بالمدينة المنورة، كان يحدثني عن تاريخ المحظرة وشيخه الورع المنفق و كيف كان تلميذا يتبع شيخ محظرته سيدي عالي ولد الطالب احمد في مدينة كيفة وقدباع قطيعا من البقر وانفقه في صدقاته علي فقراء المدينة تخفيها يمينه عن شماله ثم التفت الي تلميذه سائلا ان كان يتوفر علي ثمن ماء لشرابهما قبل ان يعودا ادراجهما الي ديسق
وكيف كانا في رحلة شرق قرية ديسق ولقيا ضيوفا ادباء مميزين فامر الشيخ بالنزول حيث هم وامضي ثلاثة أيام في احسان وفادتهم و في مفاكهتهم وهوما قدره الضيوف وهم يستحضرون نوعية الاكرام المادي والمعنوي واداب الضيافة وحضور بشاشة المضيف ومفاكهة اللبيب التي قلت في زماننا منشدين اشعار الذيب الحسني في ماخذه علي اهل زمانه
ادام نعمتك المولى وخلدها “” غاظتك ولجة ضيف ما تعمدها
وافاك من بعد ما قد بات معتسفا”” يرمي به فدفد الموماة فدفدها
وافى وسلم لم تعبأ بزورته “”” وقال لفظة تسليم ورددها
فضقت ذرعا به حتى هممت به “” إن المقادير لا يلوي يدٌ يدَها
وبات فى ليلة ليلاء منكشفا “” لله ما كان أنداها وأبردها
إن البشاشة للأضياف مذ زمن “” ماتت برحمته المولى تغمدها..
وكان شيخه سيدي عالي يردد باعجاب واستغراب وتامل في تقلبات و تحولات الزمن ولكن كذلك في تمكن الشاعر البيت التالي
إن البشاشة للأضياف مذ زمن : ماتت برحمته المولى تغمدها
..
وبالفعل يقول لي محمد فان الجمع بين الاثنتين الضيافة والبشاشة خصلة نادرة كان محمدمحمود ولد النهاه قد غبط عليها ولد السالك ولدالامام في حائيته .
ولئن كانت اداب الضيافةو اشتراطاتها حاضرة في التتشئة الذاتية للرجل فقد كان كرم الضيافة والبشاشة من ميزاته ببيته العامر بالزوار وقسماته البشوشة والبسمة التي لا تفارق محياه وكلمته الثابتة يا مرحبا يامرحبا يا مرحبا …يمازحه خطري قائلا يامحمد هذا الداخل كان هنا بالمنزل وقد قلتها له سابقا فلا داعي لتكرارها له .
كثيرا ما حدثني الوالد محمد عن خصال وفتاوي وحوارات علماء وفقهاء المنطقة وقال لي كنت حاضرا لجلسات مفاكهة بين العالم محمدو سالم ولدابابه والعالم سيدي عالي ولدالطالب احمد ، الأخير يسمي الشاي مزيل الاحزان على راي والده العلامة الطالب احمد ولد اطويرالجنة والاول لا يجد في حياته الا موجبات الحمد ولا يرى للحزن سببا ،يحرم الشاي الا ضرورة ويستشهد بابيات رائقة .
ياليتي عرفت أي فائده من شرب الاتاي لشخص قاصده
ان كان قصدا لتفادي الداء فذا تعرض الي القضاء
وان يكن شربه اثر مرض وحصل الشفاء قد زال الغرض
وان تكن نفسك قد تهواه فالمرا قد نهي عن هواه
وفي محظرة سيدي عالي النحوية يقول محمد كان لمرابط ولد احمدو اذكى طلابها ونجح قبل ان يدرس أي متن في سباق شيخه لطلابه حين طلب اليهم تصغير الحباري . ويضيف محمد اما انا فقد طلب مني شرح بيت تضمن كلمتي عل وعلل فاجبت عليها وقال لقد ضمنها والدك النهاه في قصيدة مدح للشيخ سيدي المختار الكنتي ولحرمه الشيخة لاله بنت الازرق عندما خاطبها .. وانت يا لاله عللي أجيركما ….
سنة 2007 زرت معه الشاعر الكبير احمدو ولد عبدالقادر لدعوته الي مهرجان ثقافي بكيفة واعجب الشاعر بمجالسة محمد و ذائقته الأدبية رغم وظائفه الإدارية التي عرف بها وكان كل ماالتقيته يقول اليس الي محمد من لقاء ويكرر
قراه اذا الم بدار قوم مفاكهة اللبيب من الرجال
وكان الراحل محمدكثيرا ما يكرر لاعجابه بمجالسة الحكماء ابيات محمد بن السالم البوحسني
نزيـلكـ فأمـنـي أبـدا أذاه … نزيل غير مرهوب المصال
ضعيف لا يخاف البطش منه عفيف لا يسب على النوال
قـراه إذا ألم بأرض قـوم … مفاكهـة اللبيب من الرجـال
وفي لقائنا الأخير قبل اسبوعين كنت اقترحت عليه ان نقضي أياما من نهاية السنة الحالية بمزارع الفاصوليا بديسق حيث تعود ان يكون خلال السنوات لماضية وهوما سيغيب عنه بجسده و سيحضره بروحه الطاهرة تغمدها المولي برحمته ..
الى جنة الخلد أيها الوالد الحنون وفي حضرة رب رحيم سبقك اليه نصفاك رفيقاك وصاحباك محمدمحمود ولد محمد الراظي ومحمدولد بجه وخلفكما من يعزي فيكم جميعا خطري ولدمحمد الناجم وقد ذهبت انصافه واوصافه .. لقد كانوا أربعة … جمعتهم الدار ووحدهم المسار والصحبةة والالفة … و وودع كل منهم نصفه قبل ان يلحق به في جنان الخلد وملك لا يبلى