الرئيس المصطفى ولد محمد السالك، رجل صان دماء الموريتانيين / د.محمد الأمين ولد حمادي

قرأت مقال الأستاذ محمد ولد إشدو المعنون: في ذكرى حركة 16 مارس الوطنية المجيدة.  ولست في الواقع من الذين يتحاملون على أبناء هذا البلد البررة الأبطال الذين ضحوا بأنفسهم من أجل أن ترتفع راية وطنهم. وغالبا ما أتمثل ببيت أبي العلاء المعري:

وقبيح بنا وإن تقادم العهد هوان الآباء والأجداد

لكنني كنت أتوقع من محمد ولد إشدو أن يكون من الموضوعية والحكمة بحيث يوفي الموضوع حقه من ذكر مآثر رجال حركة 16 مارس دون أن يقع في أعراض رجالات أخر من أبناء هذا البلد الذين تركوا بصمة ناصعة وذكرا حميدا سيبقى مع مرور الزمن.   لقد أبعد الأستاذ ولد إشدو النجعة حين نعت قادة الانقلاب العسكري عام 1978 بالغاصبين ولم يكتف بذلك بل لربما خرج كلامه عن السيطرة فعمم تلك الصفة على جميع رجالات الدولة متسائلا: «ولكن مَن مِنَ قادتنا والمهتمين بمصالح وطننا لم يقم بانقلاب أو يدبره أو يشترك فيه حتى الأمس القريب؟”

وإنني أطرح سؤالا على ولد إشدو: من أخرج موريتانيا من حرب الصحراء المشؤومة التي أتت على الأخضر واليابس وأثكلت الأمهات ويتمت الأولاد وأحزنت الأهل والأصحاب؟  ألا يستحق منا أن نصفه بأنه صان دماء المسلمين بدلا من أن نصفه بأنه “أبو الانقلابات”؟

يقول المثل الفرنسي المشهور المكتوب على مبنى البانثيون   Le Panthéon:

Aux grands hommes la patrie reconnaissante

 فهل نكون أقل شأنا من هؤلاء فلا نقيم لرجالنا العظام أي وزن أو اعتراف بفضلهم.  بل نغمطهم حقهم وننتقص من شأنهم؟

إن ما قام بها المجلس الجهوي لنواكشوط بإطلاق اسم الرئيس المصطفى بن محمد السالك بن ولات على شارع من شوارع العاصمة هو أقل القليل في حق الرئيس المرحوم المصطفى. إنها ذكرى رجل عظيم من رجالات الدولة الموريتانية.  كل من عرف هذا الرجل الفذ رأى فيه سمات الرجل المؤمن المخلص الورع المستقيم الذي لا يريد علوا في الأرض ولا فسادا. وشهد له علماء زمانه شهادات تدل على شرف منزلته وتواترت شهادات معاصريه من رجالات الدولة ووجهاءها وساستها وعلماءها الذين أصروا على تأبينه فشهدوا بعلو همته وشرف منزلته وعزوفه عن السلطة والشهرة. لقد ضحى هذا الرجل بكل ما يملك، من أجل استقرار هذا البلد ولو لم يكن له من عمل مشرف سوى إيقافه، هو وزملاءه الضباط، لحرب الصحراء المدمرة لكفاه شرفا أنه حقن دماء المسلمين وأخرج البلد من دوامة حرب أهلكت الحرث والنسل رغم أن البعض قد أعماه الله عما في هذا العمل من منفعة وخير للبلد فطفق يتحامل على أولئك الأبطال أبناء البلد البررة. وهذا ما يفسر خروج المصطفى رحمه الله تعالى من السلطة حيث قال مقولته الشهيرة: ” لقد قدمت استقالتي لأنه لم يبق أمامي إلا إراقة دماء أبنائي… أنا جئت من أجل حقن الدماء فكيف أكون سببا لإراقتها؟”

ذلك هو المصطفى بن محمد السالك رحمه الله تعالى أب من آباء هذه الأمة العظيمة.

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.