اتفق المالكيون على فعلها .. واتفق الموريتانيون على تركها !! / محمد الامين ولد آقه

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الكريم :
من السنن المهجورة في بلادنا هجرا يكاد يكون متفقا عليه : سنة الجهر بالتكبير يوم العيد ما بين المشي الى المصلى وخروج الامام للصلاة .
فتجد المصلى يجتمع فيه الألوف من المصلين، ينتظرون الامام صامتين لا يكبرون !!
إن غياب هذه السنة أفقد بلادنا بهاء العيد ورونقه ، فالتكبير هو شعار العيد وزينته وفي الحديث ( زيّنوا أعيادكم بالتكبير ) 
وكما هو مطلوب منا أن نزين العيد بارتداء أجمل الثياب مطلوب منا كذلك أن نزينه بالتكبير رافعين الصوت به ونحن ذاهبون الى المصلى ..ونحن جالسون في المصلى ننتظر الامام .
فتنطلق ألسنة المؤمنين لاهجة بأعظم لفظ: الله أكبر، الله أكبر, لا إله إلا الله الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد..
ما أجملَ حالَ الناسِ وهُمْ يكبِّرون الله تعظيماً وإجلاَلاً ، يملئون الآفاق تكبيراً وتحميداً وتهليلاً ، 
إعلاناً لتعظيم الله وإظهاراً لعبادتِه وشكرِه ، وامتثالا لقوله [وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ]
إنه لمنظر مهيب أن ترى الناس يوم العيد يملؤون الطرقات متوجهين إلى المصلى صغارا وكبارا وهتافهم واحد بصوت مسموع ..وإذا جلسوا في المصلى ينتظرون الأمام لم يكن لهم من شأن إلا ترديد هذا الهتاف ..
مشهد لم أره في هذه البلاد في أي عيد من الأعياد !
والغريب في الامر ان هذه السنة ثابتة في الحديث ومتفق عليها في المذهب المالكي ، فلا معنى لأن تكون مهجورة في بلد جل أهله مالكيون !!!
وللأسف لم نر من يتمسك بهذه السنة لا من المتمسكين بالفروع الفقهية ولا من المتمسكين بالأصول و الحديث ..!
والغريب في الأمر ايضا أنه استوى في تركها العالم والجاهل فلا ترى فقيها ولا طالب علم يحرصان عليها !
بل الغالب من الأئمة الذين يصلون بالناس صلاة العيد يقع منهم التفريط فيها أيضا !!
والمسألة منصوص عليها في كتب الفقه ويعرفها صغار طلبة العلم !
ولعل الأمر راجع إلى أن البعض لم يتعودوا على رفع الصوت بالذكر إما خجلا وإما كبرا ، وكلا الأمرين مذموم ..
وحين يتعلق الأمر بالعبادات فينبغي أن يطرد الكبر طردا لأن الله تعالى يقول : (إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين).
وقد يتشجع البعض ويرفع صوته بالذكر في المسجد لكن الخجل يطارده في الشارع فلا يستطيع رفع الصوت بالتكبير !
ظانا أن رفع الصوت بالتكبير في الشارع من شأن دراويش الصوفية ،وخفي عليه أن من لم يتشبه بالصوفية في هذا اليوم خالف السنة !
والبعض محكوم بالعادة فلا يرفع الصوت بالتكبير إلا إذا فعل الناس ذلك حاله : “الموت في العشرة انزاها” وكأنما يقول : ياويلتي! كيف أرفع الصوت من بين الناس فأكون شاذا؟
ولا يدري أنه بشذوذه هذا أحيا سنة أماتها الناس ..
إن التكبير يوم العيد يكون جهرا لا سرا لأنه شعيرة فينبغي إظهاره ولا يشرع الاسرار به وحكمه في ذلك كالتلبية للحاج التي يزداد الاجر فيها مع زيادة الجهر وفي الحديث عن ابن عمر أن النبي – صلى الله عليه وسلم – سئل : ( أي الحج أفضل ؟ قال : العج والثج ) . رواه ابن ماجه، والعج : رفع الصوت بالتلبية ، والثج : إراقة الدم .
وقد أخرج البيهقى  عن نافع عن عبد الله بن عمر: ” أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج فى العيدين ” رافعا صوته بالتهليل والتكبير  “
وروى الدارقطنى: ” أن ابن عمر كان إذا غدا يوم الفطر , ويوم الأضحى يجهر بالتكبير حتى يأتى المصلى , ثم يكبر حتى يأتى الإمام ” .
وقال البيهقي في معرفة السنن والآثار : وروي في ذلك عن علي ، وغيره ، من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
وروى الفريابى أيضا عن ابن لهيعة عن زهرة بن معبد عن عبد الله بن هشام: ” أنه كان يسمع تكبير عمر بن الخطاب وهو يمر فى زقاق , وعمر يمر فى زقاق آخر يوم العيد “.
وكان الجهر بالتكبير من حين الخروج من البيت إلى المصلى وإلى دخول الإمام كان أمرا مشهورا عند السلف وقد نقله جماعة من المصنفين عن السلف :
قال البيهقي : وحدثني صالح بن محمد بن زائدة ، عن عروة ، وأبي سلمة أنهما ” كانا يجهران بالتكبير حين يغدوان إلى المصلى “
ورى البيهقي أيضا عن إبراهيم بن محمد قال : أخبرني يزيد بن الهاد ، أنه سمع نافع بن جبير ، ” يجهر بالتكبير حين يغدو إلى المصلى يوم العيد “
وكان نافع بن جبير يكبر ويتعجب من عدم تكبير الناس فيقول: ( ألا تكبرون ؟) 
وقال ابن أبي شيبة في المصنف : حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن يزيد بن أبي زياد ، قال : خرجت مع سعيد بن جبير ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى فلم يزالا يكبران ، ويأمران من مرا به بالتكبير.
أخرج الفريابى بسند صحيح عن الوليد (وهو ابن مسلم) قال: ” سألت الأوزاعى ومالك بن أنس عن إظهار التكبير فى العيدين ؟ قالا: نعم , كان عبد الله بن عمر يظهره فى يوم الفطر حتى يخرج الإمام “.
والمرأة  تسمع من حولها من النساء ولا ترفع صوتها  .
أخيرا ألفت الانتباه إلى أمور مهمة متعلقة بهذه المسألة :
1-الصحيح عند المالكية أن التكبير وقته يبدأ يوم العيد بعد صلاة الصبح في الاسفار مع الشروع في الخروج إلى المصلى وينتهي بخروج الامام للصلاة .
قال ابن رشد : (وسئل مالك عن التكبير في العيدين يغدو الرجل قبل الفجر أو بالغلس قرب الصلاة، أيكبر بالطريق وفي قعوده؟ قال مالك ليس يكون التكبير إلا قرب طلوع الشمس في الإسفار البين الذي يكون عند طلوعها، فيكبر الرجل تلك الساعة وفي المصلى حتى يخرج الإمام، ) 
2-التكبير في ثلاث مواضع :
-عند المشي إلى الصلاة 
-وطيلة الجلوس في المصلى قبل مجيء الامام 
-وعندما يكبر الامام في الخطبة يكبر الناس بتكبيره .
ففي هذه المواضع الثلاث يشرع التكبير .
قال ابن رشد :(فيكبر عند مالك في العيدين إذا غدا إلى المصلى، وفي المصلى حتى يخرج الإمام. فيكبر بتكبيره) البيان والتحصيل (1/ 287)
وروى ابن أبي شيبة بسند صحيح عن الزهري قال : كان الناس يكبرون في العيد حين يخرجون من منازلهم حتى يأتوا المصلى وحتى يخرج الإمام فإذا خرج الإمام سكتوا فإذا كبر كبروا . 
وقال ابن أبي زيد في الرسالة :(وليذكر الله في خروجه من بيته في الفطر والأضحى جهرا حتى يأتي المصلى الإمام والناس كذلك فإذا دخل الإمام للصلاة قطعوا ذلك ويكبرون بتكبير الإمام في خطبته وينصتون له فيما سوى ذلك) متن رسالة القيرواني (ص: 49)
3-التكبير ورد بعدة صيغ ، ومن أشهرها ما رواه ابن أبي شيبة بسند صحيح عن ابن مسعود أنه كان يقول : 
” الله أكبر , الله أكبر , لا إله إلا الله , والله أكبر , الله أكبر , ولله الحمد “.
4-حذر العلماء من التكبير بطريقة جماعية وقالوا انه بدعة :
قال النفراوي : (ويكبر كل واحد وحده في الطريق وفي المصلى، ولا يكبرون جماعة؛ لأنه بدعة.) الفواكه الدواني (2/ 649)
عيد مبارك وتقبل الله منا ومنكم .

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.